Uncategorized

سعيد رضواني:حين يصير النباح جسراً للتواصل: تأملات في قصة ‘نباح’

 

 

 

بقلم عبد السلام

 

بوكورات.الجميل في الأدب ( شعرا ، قصة أو رواية …) ليس فقط اللعب بالحروف والكلمات وتطويع اللغة – هذا مفروض- ولكن حين يحمل ذاك الادب رسالة أو إلى فلسفة إنسانية عميقة و يثير فيك مجموعة من الأسئلة والتساؤلات…

وأنا أعيد قراءة ( مرايا) للصديق المبدع سعيد رضواني استوقفتني قصة ” نباح ” لأنها تحيلنا على أهمية التواصل الفعلي بالنسبة للانسان والذي بدونه لا تستقيم الحياة ، بل تزداد سوءا وضياعا وغربة.. لن أغوص في قراءة نقدية تحليلية للقصة ، سأترك هذا لذوي الاختصاص. سأكتفي فقط بالأسئلة التي خطرت على بالي وانا أقرأ هذا النص السردي الباذخ والممتع شكلا ومضمونا .

هل النباح والصراخ شكلان من أشكال التواصل؟ هل حين تنبح الكلاب هو نفس الشيء حين يصرخ الانسان؟ ما الذي يؤثر أكثر ، هل النباح أم الصراخ؟ وأخيرا، ما أهمية التواصل على المستوى النفسي؟

السارد في القصة يتحدث عن شخص يسكن أحد السطوح ويشكو الوحدة والانعزال ، ومع توالي الليالي أراد أن يكسر جدار الصمت ويحاول التواصل مع كلب يأتي نباحه من بعيد. والنباح الذي كان في البداية مصدر إزعاج، أصبح رفقة وجسرا للتواصل الذي كان في حاجة إليه. عبر الصوت والانصات الفعلي لنباح الكلب ، تمكن هذا الشخص من التوصل إلى حقائق مثيرة عن هذا الكائن الذي لم يره قط ( صنفه، سنه، لونه،هزاله والمحيط الذي يعيش فيه ..)، ليخلص السارد إلى أن النباح أفضل من الصراخ وأن بني جلدته و” جنسه يصرخون، الموسرون منهم والمعوزون، وألا أحد من هؤلاء ينصت للآخر “(ص.57). ولعل هذه الجملة تلخص الحال الذي أصبحنا عليه اليوم .

النباح والصراخ شكلان من أشكال التواصل . وهذا صحيح الى حد ما ، فحين ينبح الكلاب يكون النباح مطابقا ومشابها لصراخ البشر. فكلاهما طريقتان للتعبير العاطفي والتواصل. على غرار الانسان، تنبح الكلاب لتعبر عن أحاسيس كالقلق والخوف، السعادة أو الخطر، وايضا عن حاجات ورغبات كالحاجة للأكل أو للاهتمام أو الحماية أو اللعب …لكن هناك اختلافات متعددة. فالكلاب ليس لها القدرة على التفكير والتعقيدات العاطفية التي لدى الانسان مما يجعل نباحها غريزي فطري ورد فعل. التطابق يذكرنا بأن التواصل العاطفي هو ضرورة كونية لا بالنسبة للانسان فقط بل للحيوان أيضا. الصراخ يمكن أن يكون طريقة للتعبير العاطفي، لكن أبدا لن تكون فعالة على مستوى التواصل ، بل في أحيان كثيرة ينظر إليه على أنه اعتداء أو تعبير عن فقدان الأمل الشيء الذي يمكن أن يؤدي إلى خلافات وتوترات أكثر من الفهم…

أما بالنسبة للتأثير ، فأعتقد أن الصراخ والنباح يمكن أن يكون لهما وقع مختلف حسب السياق والمتلقي. عموما يكون الصراخ أشد تأثيرا من منظور عاطفي لانه تعبير عن مجموعة من المشاعر الإنسانية من فقدان الأمل حتى الغضب . قد يكون شخصيا وقد يكون له وقع أشد و أعمق في الجمهور حين يتعلق الأمر بأشخاص ” ينبحون” في وسائل إعلام أو وسائل التواصل أو منابر سياسية مثلا ، يمكن أن يكون التأثير أقوى لانه موجه إلى جمهور أوسع.

في اعتقادي المتواضع، التواصل على المستوى النفسي له دور أساسي في الحياة لانه يعبر عن مشاعر وأحاسيس، وبالتالي فهو يساعد الشخص على التحرر من الضغوط وإقامة علاقات اجتماعية ، وبالتالي فهو يمكن من الحفاظ على العلاقات بين الأفراد لما لها من أهمية على الصحة النفسية. كما يساهم في حل الخلافات وإيجاد مخارج سليمة لكثير من المعضلات.

هذه فقط ، بعض التاملات التي أثارتها قراءتي لقصة ” نباح” للقاص المتميز والصديق الغالي سعيد رضواني مبدع ” مرايا” وقلعة المتاهات ” و ” أبراج من ورق” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى